والأصوات وهو محدث وذلك لا نزاع فيه إنما المدعي قدم شيء آخر
المسألة الثالثة من الناس من أجرى الآية على ظاهرها فزعم أنه تعالى إذا أحدث شيئاً قال له كن وهذا ضعيف لأنه إما أن يقول له كن قبل حدوثه أو حال حدوثه فإن كان الأول كان ذلك خطاباً مع المعدوم وهو عبث وإن كان الثاني فهو حال حدوثه قد وجد بالقدرة والإرادة فأي تأثير لقوله كن فيه ومن الناس من زعم أن المراد من قوله كُنَّ هو الخليق والتكوين وذلك لأن القدرة على الشيء غير وتكوين الشيء غير فإن الله سبحانه قادر في الأزل وغير مكون في الأزل ولأنه الآن قادر على عوالم سوى هذا العالم وغير مكون لها والقادرية غير المكونية والتكوين ليس هو نفس المكون لأنا نقول المكون إنما حدث لأن الله تعالى كونه فأوجده فلو كان التكوين نفس المكون لكان قولنا المكون إنما وجد بتكوين الله تعالى نازلاً منزلة قولنا المكون إنما وجد بنفسه وذلك محال فثبت أن التكوين غير المكون فقوله كُنَّ إشارة إلى الصفة المسماة بالتكوين وقال آخرون قوله كُنَّ عبارة عن نفاذ قدرة الله تعالى ومشيئته في الممكنات فإن وقوعها بتلك القدرة والإرادة من غير امتناع واندفاع يجري مجرى العبد المطيع المسخر المنقاد لأوامر مولاه فعبر الله تعالى عن ذلك المعنى بهذه العبارة على سبيل الاستعارة
وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّى وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَاذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ فَاخْتَلَفَ الاٌّ حْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوْيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن مَّشْهِدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَاكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِى ضَلَالٍ مُّبِينٍ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَة ِ إِذْ قُضِى َ الاٌّ مْرُ وَهُمْ فِى غَفْلَة ٍ وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأرض وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ
اعلم أن قوله وَإِنَّ اللَّهَ رَبّى وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ فيه مسائل
المسألة الأولى قرأ المدنيون وأبو عمرو بفتح أن ومعناه ولأنه ربي وربكم فاعبدوه وقرأ الكوفيون وأبو عبيدة بالكسر على الابتداء وفي حرف أبي إِنَّ اللَّهَ بالكسر من غير واو أي بسبب ذلك فاعبدوه
المسألة الثانية أنه لا يصح أن يقول الله وَإِنَّ اللَّهَ رَبّى وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ فلا بد وأن يكون قائل هذا غير الله تعالى وفيه قولان الأول التقدير فقل يا محمد إن الله ربي وربكم بعد إظهار البراهين الباهرة في أن عيسى هو عبد الله الثاني قال أبو مسلم الأصفهاني الواو في وإن الله عطف على قول عيسى عليه السلام قَالَ إِنّى عَبْدُ اللَّهِ ءاتَانِى َ ( مريم ٣٠ ) كأنه قال إني عبد الله وإنه ربي وربكم فاعبدوه وقال وهب بن منبه عهد إليهم حين أخبرهم عن بعثه ومولده ونعته أن الله ربي وربكم أي كلنا عبيد الله تعالى


الصفحة التالية
Icon