المسألة الرابعة أنهم لما بالغوا في توبيخها سكتت وأشارت إليه أي إلى عيسى عليه السلام أي هو الذي يجيبكم إذا ناطقتموه وعن السدي لما أشارت إليه غضبوا غضباً شديداً وقالوا لسخريتها بنا أشد من زناها روي أنه كان يرضع فلما سمع ذلك ترك الرضاع وأقبل عليهم بوجهه واتكأ على يساره وأشار بسبابته وقيل كلمهم بذلك ثم لم يتكلم حتى بلغ مبلغاً يتكلم فيه الصبيان وقيل إن زكرياء عليه السلام أتاها عند مناظرة اليهود إياها فقال لعيسى عليه السلام انطق بحجتك إن كنت أمرت بها فقال عيسى عليه السلام عند ذلك
المسألة الرابعة أنهم لما بالغوا في توبيخها سكتت وأشارت إليه أي إلى عيسى عليه السلام أي هو الذي يجيبكم إذا ناطقتموه وعن السدي لما أشارت إليه غضبوا غضباً شديداً وقالوا لسخريتها بنا أشد من زناها روي أنه كان يرضع فلما سمع ذلك ترك الرضاع وأقبل عليهم بوجهه واتكأ على يساره وأشار بسبابته وقيل كلمهم بذلك ثم لم يتكلم حتى بلغ مبلغاً يتكلم فيه الصبيان وقيل إن زكرياء عليه السلام أتاها عند مناظرة اليهود إياها فقال لعيسى عليه السلام انطق بحجتك إن كنت أمرت بها فقال عيسى عليه السلام عند ذلك إِنّى عَبْدُ اللَّهِ ( مريم ٣٠ ) فإن قيل كيف عرفت مريم من حال عيسى عليه السلام أنه يتكلم قلنا إن جبريل عليه السلام أو عيسى عليه السلام ناداها من تحتها أن لا تحزني وأمرها عند رؤية الناس بالسكوت فصار ذلك كالتنبيه لها على أن المجيب هو عيسى عليه السلام أو لعلها عرفت ذلك بالوحي إلى زكرياء أو لعلها عرفت بالوحي إليها على سبيل الكرامة بقي ههنا بحثان
البحث الأول قوله كَيْفَ نُكَلّمُ مَن كَانَ فِى الْمَهْدِ صَبِيّاً أي حصل في الْمَهْدِ فكان ههنا بمعنى حصل ووجد وهذا هو الأقرب في تأويل هذا اللفظ وإن كان الناس قد ذكروا وجوهاً أخر
البحث الثاني اختلفوا في المهد فقيل هو حجرها لما روى أنها أخذته في خرقة فأتت به قومها فلما رأوها قالوا لها ما قالوا فأشارت إليه وهو في حجرها ولم يكن لها منزل معد حتى يعد لها المهد أو المعنى كيف نكلم صبياً سبيله أن ينام في المهد
قَالَ إِنِّى عَبْدُ اللَّهِ ءَاتَانِى َ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِى نَبِيّاً وَجَعَلَنِى مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِى بِالصَّلَواة ِ وَالزَّكَواة ِ مَا دُمْتُ حَيّاً وَبَرّاً بِوَالِدَتِى وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّاراً شَقِيّاً وَالسَّلَامُ عَلَى َّ يَوْمَ وُلِدْتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً
اعلم أنه وصف نفسه بصفات تسع الصفة الأولى قوله إِنّى عَبْدُ اللَّهِ وفيه فوائد الفائدة الأولى أن الكلام منه في ذلك الوقت كان سبباً للوهم الذي ذهبت إليه النصارى فلا جرم أول ما تكلم إنما تكلم بما يرفع ذلك الوهم فقال إِنّى عَبْدُ اللَّهِ وكان ذلك الكلام وإن كان موهماً من حيث إنه صدر عنه في تلك الحالة ولكن ذلك الوهم يزول ولا يبقى من حيث إنه تنصيص على العبودية الفائدة الثانية أنه لما أقر بالعبودية فإن كان صادقاً في مقاله فقد حصل الغرض وإن كان كاذباً لم تكن القوة قوة إلهية بل قوة شيطانية فعلى التقديرين يبطل كونه إلهاً الفائدة الثالثة أن الذي اشتدت الحاجة إليه في ذلك الوقت إنما هو نفي تهمة الزنا عن مريم عليها السلام ثم إن عيسى عليه السلام لم ينص على ذلك وإنما نص على إثبات عبودية نفسه كأنه جعل إزالة