الأرض وقال ليتني هذه التبنة يا ليتني لم أك شيئاً وقال علي يوم الجمل يا ليتني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة وعن بلال ليت بلال لم تلده أمه فثبت أن هذا الكلام يذكره الصالحون عند اشتداد الأمر عليهم الثالث لعلها قالت ذلك لكي لا تقع المعصية ممن يتكلم فيها وإلا فهي راضية بما بشرت به
المسألة العاشرة قال صاحب ( الكشاف ) النسي ما من حقه أن يطرح وينسى كخرقة الطمث ونحوها كالذبح اسم ما من شأنه أن يذبح كقوله وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ( الصافات ١٠٧ ) تمنت لو كانت شيئاً تافهاً لا يؤبه به ومن حقه أن ينسى في العادة وقرأ ابن وثاب والأعمش وحمزة نسياً بالفتح والباقون نسياً بالكسر قال الفراء هما لغتان كالوتر والوتر والجسر والجسر وقرأ محمد بن كعب القرظي نسيئاً بالهمزة وهو الحليب المخلوط بالماء ينساه أهله لقلته وقرأ الأعمش منسياً بالكسر على الإتباع كالمغير والمنخر والله أعلم
فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَآ أَلاَّ تَحْزَنِى قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً وَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَة ِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً فَكُلِى وَاشْرَبِى وَقَرِّى عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ البَشَرِ أَحَداً فَقُولِى إِنِّى نَذَرْتُ لِلرَّحْمَانِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً
في الآية مسائل
المسألة الأولى فناداها من تحتها القراءة المشهورة فناداها وقرأ زر وعلقمة فخاطبها وفي الميم فيها قراءتان فتح الميم وهو المشهور وكسره وهو قراءة نافع وحمزة والكسائي وحفص وفي المنادي ثلاثة أوجه الأول أنه عيسى عليه السلام وهو قول الحسن وسعيد بن جبير والثاني أنه جبريل عليه السلام وأنه كان كالقابلة للولد والثالث أن المنادي على القراءة بالكسر هو الملك وعلى القراءة بالفتح هو عيسى عليه السلام وهو مروي عن ابن عيينة وعاصم والأول أقرب لوجوه الأول أن قوله فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا بفتح الميم إنما يستعمل إذا كان قد علم قبل ذلك أن تحتها أحداً والذي علم كونه حاصلاً تحتها هو عيسى عليه السلام فوجب حمل اللفظ عليه وأما القراءة بكسر الميم فهي لا تقتضي كون المنادي جبريل عليه السلام فقد صح قولنا الثاني أن ذلك الموضع موضع اللوث والنظر إلى العورة وذلك لا يليق بالملائكة الثالث أن قوله فناداها فعل ولا بد وأن يكون فاعله قد تقدم ذكره ولقد تقدم قبل هذه الآية ذكر جبريل وذكر عيسى عليهما السلام إلا أن ذكر عيسى أقرب لقوله تعالى فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ ( مريم ٢٢ ) والضمير ههنا عائد إلى المسيح فكان حمله عليه أولى والرابع وهو دليل الحسن بن علي عليه السلام أن عيسى عليه السلام لو لم يكن كلمها لما علمت أنه ينطق فما كانت تشير إلى عيسى عليه السلام بالكلام فأما من قال المنادي هو عيسى عليه السلام فالمعنى أنه تعالى أنطقه لها حين وضعته تطييباً لقلبها وإزالة للوحشة عنها حتى تشاهد في أول الأمر ما بشرها به جبريل عليه السلام من علو شأن ذلك الولد ومن قال المنادي جبريل عليه السلام قال إنه أرسل إليها ليناديها بهذه الكلمات كما أرسل إليها في أول الأمر ليكون ذلك تذكيراً لها بما تقدم من أصناف البشارات وأما


الصفحة التالية
Icon