٢- وفي قوله تعالى :« و الذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشي ء إلا كباسط كفيه الى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه » تشبيه تمثيلي رائع فقد شبه دعوة الكفار للآلهة ليستجيبوا لهم ثم صمم الآلهة وجمودها وعدم استجابتها وهذا هو المشبه المركب بمن يبسط كفيه الى الماء ليبلغ فاه وهو بعيد عنه ثم يبالغ في الدعوة ويحمله الهوس على الرجاء من الماء أن يستجيب وهو جماد لا يشعر فهذا هو المشبه به
إعراب القرآن وبيانه، ج ٥، ص : ١٠٣
و قيل شبهوا في قلة جدوى دعائهم لآلهتهم بمن أراد أن يغرف الماء بيديه لبشربه فبسطها ناشرا أصابعه فلم تلق كفاه منه شيئا ولم يبلغ طلبته وشربته.
و قال أبو عبيدة « أي كالقابض على الماء ليس على شي ء » قال والعرب تضرب المثل في الساعي فيما لا يدركه بالقابض على الماء وأنشد سيبويه :
فأصبحت فيما كان بيني وبينها من الود مثل القابض الماء باليد
و قال آخر :
و إني وإياكم وشوقا إليكم كقابض ماء لم تطعه أنامله
و قال آخر :
و من يأمن الدنيا يكن مثل قابض على الماء خانته فروج الأصابع
الفوائد :
١- خلاف حول الباء :
اختلف النحاة والمعربون في الباء من قوله تعالى « و يسبح الرعد بحمده » فقيل : هي للمصاحبة أو الملابسة أو باء الحال أي يسبحه حامدا له أي ينزهه عما لا يليق به ويثبت له ما يليق به، وضابط هذه الباء أن يغني عنها وعن مصحوبها الحال كما رأيت أو يحسن في موضعها « مع » وقيل هي للاستعانة أي يسبحه بما حمد به نفسه فيكون الحمد مضافا الى الفاعل أما في الأولى فهو مضاف الى المفعول
إعراب القرآن وبيانه، ج ٥، ص : ١٠٤
و من العجيب أن ابن خالويه النحوي أعربها في كتابه اعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم عند إعرابه « فسبح بحمد ربك » أعربها زائدة ولا أدري كيف استساغ ذلك ومواضع زيادة الباء معروفة وهي هنا ليست واحدة منها.
سبحانك اللهم وبحمدك :


الصفحة التالية
Icon