وهو احتمال الحقيقة أو المجاز، فمثاله: اختلافهم حول المراد بالتنور فى قوله تعالى: ((حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور)) (١)
فقيل : المارد به التنور الحقيقى الذى يختبز فيه، وقد كان بدار نوح عليه السلام، وقد جعل الله تعالى فوران الماء منه علامة على الطوفان الذى أغرق قومه.
وقيل: بل معنى قوله: ((وفار التنور)) أى برز نور الصبح.
وقيل : بل معناه اشتد غضب الله. (٢)
فعلى الأول فالتعبير حقيقى وهو الراجح (٣) وعلى الثانى والثالث فالتعبير مجازى.
ومنه كذلك اختلافهم حول المراد بالضحك والبكاء فى قوله تعالى: ((وأنه هو أضحك وأبكى)) (٤)
فقيل: معناه أنه خلق الضحك المعروف والبكاء المعروف فى ابن آدم. فالتعبير على ذلك حقيقى وهو الراجح.
وقيل: بل المعنى: أضحك الأرض بالنبات، وابكى السماء بالمطر وعليه فالتعبير مجازى.
وأما السبب الثانى:
وهو احتمال الإضمار أو الاستقلال، فمثاله: قوله تعالى: ((يخادعون الله والذين آمنوا)) (٥) فقوله "يخادعون" من الخدع وهو الإخفاء والإبهام، وهو أن يوهم صاحبه خلاف ما يريد به من المكروه، والمخادعة تقتضى المشاركة من الجانبين، والله سبحانه منزه عن ذلك ؛ لأنه لا يخدع. وأجيب عن ذلك بأنه من باب الإضمار أى: يخادعون رسول الله.
وقيل: هو من الاستقلال وليس الإضمار، والمعنى: إن صورة صنيعهم - يعنى المنافقين - مع الله تعالى حيث يتظاهرون بالإيمان وهم كافرون، وصورة صنيع الله معهم، حيث أمر بإجراء أحكام المسلمين عليهم وهم فى الدرك الأسفل من النار، وصورة صنيع المؤمنين معهم حيث امتثلوا أمر الله تعالى فيهم، فأجروا ذلك عليهم، تشبه صورة المخادعة.

(١) سورة هود: ٤٠.
(٢) أنظر: تفسير الطبرى - ١٢/٢٥.
(٣) أنظر: إزالة الإلباس -ص ١٠٠، فقد ذكرت هناك وجوهاً أربعة لترجيحه.
(٤) سورة النجم: ٤٣.
(٥) سورة البقرة : ٩.


الصفحة التالية
Icon