تنبيه آخر
قوله تعالى: ﴿الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ﴾ لا يمنع تعليمه تعالى بغير القلم كما في قصة الخضر مع موسى عليه السلام في قوله تعالى: ﴿فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً﴾ [الكهف: ٦٥].
وكما في حديث "نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها" الحديث.
وكما في حديث الرقية بالفاتحة لمن لدغته العقرب في قصة السرية المعروفة فلما سأله ﷺ "وما يدريك أنها رقية" قال شيء نفث في روعي.
وحديث علي لما سئل هل خصكم رسول الله ﷺ بعلم قال لا إلا فهما يؤتيه الله من شاء في كتابه وما في هذه الصحيفة.
وقوله: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ﴾ [البقرة: من الآية٢٨٢] نسأل الله علم ما لم نعلم والعلم بما نعلم وبالله التوفيق.
قوله تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّ الْأِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى﴾
ظاهر هذه الآية أن الاستغناء موجب للطغيان عند الإنسان ولفظ ﴿الْإِنْسَانُ﴾ هنا عام ولكن وجدنا بعض الإنسان يستغني ولا يطغى فيكون هذا من العام المخصوص ومخصصه إما من نفس الآية أو من خارج عنها ففي نفس الآية ما يفيده قوله تعالى: ﴿أَنْ رَآهُ﴾ أي إن رأي الإنسان نفسه وقد يكون رأيا واهما ويكون الحقيقة خلاف ذلك ومع ذلك يطغى فلا يكون الاستغناء هو سبب الطغيان.
ولذا جاء في السنة ذم العائل المتكبر لأنه مع فقره يرى نفسه استغنى فهو معنى في نفسه لا بسبب غناه.
أما من خارج الآية فقد دل على هذا المعنى قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ طَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات: ٣٧-٣٩] فإيثار الحياة الدنيا هو موجب الطغيان وكما في قوله: ﴿الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ كَلَّا﴾ [الهمزة: ٢-٤].


الصفحة التالية
Icon