ذلك ثابت في الصحيح، وهو دليل قوي على الجمع بين الأحاديث كما ذكرنا، والعلم عند الله تعالى.
فروع تتعلق بهذه المسألة
الفرع الأول: اعلم أن الظاهر اشتراط التصريح بموجب الحد الذي هو الزنى تصريحا ينفي كل احتمال؛ لأن بعض الناس قد يطلق اسم الزنى على ما ليس موجبا للحد.
ويدل لهذا قوله ﷺ لماعز لما قال: إنه زنى، "لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت"؟ قال: لا، قال: "أفنكتها" ؟ لا يكنى، قال: نعم، قال: فعند ذلك أمر برجمه، وهذا ثابت في صحيح البخاري وغيره من حديث ابن عباس، ويؤخذ منه التعريض للزاني بأن يستر على نفسه، ويستغفر الله فإنه غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا.
الفرع الثاني: اعلم أنه إذا تمت شهادة الشهود الأربعة بالزنى فصدقهم الزاني المشهود عليه، بأن أقر أنه زنى مرة واحدة فصارت الشهادة تامة، والإقرار غير تام عند من يشترط أربعا.
فأظهر قولي أهل العلم عندي: أن الحد يقام عليه لكمال البينة خلافا لمن زعم أنه لا يقام عليه الحد؛ لأن شرط صحة البينة الإنكار، وهذا غير منكر.
وقال ابن قدامة في "المغني": إن سقوط الحد بإقراره مرة قول أبي حنيفةاهـ. وكذلك لو تمت عليه شهادة البينة وأقر على نفسه أربع مرات، ثم رجع عن إقراره، فلا ينفعه الرجوع لوجوب الحد عليه بشهادة البينة، فلا حاجة لإقراره ولا فائدة في رجوعه عنه، والعلم عند الله تعالى.
الفرع الثالث: اعلم أن أظهر قولي أهل العلم عندي: أنه إذا أقر بزنى قديم قبل إقراره، ولا يبطل الإقرار بأنه لم يقر إلا بعد زمن طويل؛ لأن الظاهر اعتبار الإقرار مطلقا، سواء تقادم عهده، أو لم يتقادم، وكذلك شهادة البينة، فإنها تقبل، ولو لم تشهد إلا بعد طول الزمن؛ لأن عموم النصوص يقتضي ذلك، لأنها ليس فيها التفريق بين تعجيل الشهادة وتأخيرها، خلافا لأبي حنيفة ومن وافقه في قولهم: إن الإقرار يقبل بعد زمن طويل والشهادة لا تقبل مع التأخير.
وقال ابن قدامة في "المغني": وإن شهدوا بزنى قديم أو أقر به وجب الحد، وبهذا


الصفحة التالية
Icon