آيات من القرآن الكريم

۞ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ
ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ

والأول أبين في التفسير، وهذا جائز، لأنا نرى الذَّكرَ مِنَ الحيوان يأتي
الأنثى ولم ير ذكراً قد أتى أنثى قبله فألْهَمه اللَّه - عزَّ وجلَّ - ذلك وهداه إلى المَأتي.
والقول الأول ينتظم هذا المعنى، لأنَّه إذا هَداه لمصْلَحَتِه فهذا دَاخِلٌ
في المصْلحةِ، واللَّه أعلم.
* * *
وقوله تَعَالَى: (قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى (٥١)
قال له موسى عليه السلام:
(قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (٥٢)
معناه لا يُضِلها ولا ينساها، ولا يضله ربي ولا ينساه، يعنى به الكتاب.
ومعنى ضَلَلْتُ الشيءَ وضَلِلْتُ بكسر اللام وفتحِهَا أضِلُّه وَأضَلُّه، إذا جعلته في مكان لم تدر أين هو، وُيضِل من أضلَلْتُه، ومعنى أضْلَلْتُه أضَعْتُه.
قال أبو إسحاق من قرأ بالفتح فمعناه لا يَضَل أيْ لا يَضَل عن رَبِّي..
وإذا ضممت الياء فمعناه لا يوجد ربي ضَالًّا عنها.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (٥٤)
(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى)
معناه لذوي العقول، واحد لنهى نُهْيَة.
يقال: فلان ذو نُهيةٍ ومعناه ذو عقل ينتهي به عن المقابح ويدخل به في المحاسِنِ.
وقال بعض أهل اللغة: ذو النهْيِةِ الذي يُنْتهَى إلى رأيه وعقله.
وهَذَا حسن أيضاً
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (٥٥)
يعنى به الأرض، لأن اللَّه - عزَّ وجلَّ - خلق آدم من تراب، وَجَرَى
الإضْمَارُ على قوله: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لكُمْ فِيهَا سُبُلًا).
وقوله: (تَارَةً أُخْرَى).

صفحة رقم 359
معاني القرآن وإعرابه للزجاج
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل، الزجاج
تحقيق
عبد الجليل عبده شلبي
عدد الأجزاء
1